samilove
عدد المساهمات : 112 تاريخ التسجيل : 13/09/2009 العمر : 35
| موضوع: المواطنة" الإثنين سبتمبر 14, 2009 7:58 am | |
| الانتماء والمواطنة: كلام جاد بعيداً عن الشعارات المستهلكة
"المواطنة" .. من أكثر الكلمات شيوعاً هذه الأيام .. وهذا شئ حسن. لكن المشكلة انها تستخدم بطريقة يسودها الغموض والالتباس. كما تستخدم بطريقة خائطة تجعلها مرادفاً للانتماء مثلاً، او باختزال معناها فى المساواة بين المسلمين والاقباط. وحسناً فعلت الهيئة القبطية الأنجيلية للخدمات الاجتماعية، حيث قام منتدى حوار الثقافات المنبثق عنها بتنظيم لقاء فكرى عن "الانتماء والمواطنة .. بين الحاضر والمستقبل" عقد فى العلمين فى الفترة من 5 إلى 7 سبتمبر الجارى، وكان لى شرف المشاركة فى أعماله. وفى هذا اللقاء الذى عقد بعيداً عن ضجيج القاهرة وتلوثها السمعى والبصرى جرت مناقشات بالغة العمق شارك فيها لفيف من المفكرين والباحثين المرموقين والمهمومين بحاضر الأمة ومستقبلها جنباً إلى جنب مع عدد من رجال الدين المسلمين والمسيحيين المستنيرين (من الجانبين). والأوراق التى قدمها المتحدثون الرئيسيون فى هذه الحلقة النقاشية معظمها أوراق كبيرة القيمة، ويستحق كلاً منها عرضاً مستقلاً وتفصيلياً، وبخاصة أوراق الدكتور هشام صادق ونبيل عبدالفتاح والدكتور عاصم الدسوقى والدكتور رفعت لقوشة وسمير مرقص. وأبدأ اليوم بورقة الباحث الرصين سمير مرقص التى بدأها بتقديم تعريف متميز للمواطنة بوصفها "تعبيراً عن حركة الإنسان اليومية مشاركا ومناضلا من أجل حقوقه بابعادها المدنية والاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية على قاعدة المساواة مع الآخرين من دون تمييز لأى سبب، واندماج هذا المواطن فى العملية الانتاجية بما يتيح له اقتسام الموارد العامة والثروة الوطنية مع الآخرين الذين يعيشون معه فى إطار الوطن الواحد. والمواطنة بهذا المعنى تتجاوز الرؤى التى تحصره فى الولاء والانتماء أو المفاهيم ذات الطبيعية المثالية والمعنوية فتفصل المواطنة عن الواقع وتجعل منها تكراراً للتربية القومية التى كنا ندرسها فى الماضى فى المدارس، والمدنية لاحقاً، كما لو كان الأمر هو ان تعلم هذه القيم سيترتب عليه تحققها تلقائياً. وعليه فليس غريباً أن الحديث عن المواطنة فى كل الأدبيات العالمية وفى الممارسات التى اختبرتها جدياً ، لا يستقيم وتكون له أهمية من دون الحديث عن السياق الاجتماعى الذى تمارس فيه، وما يعنيه من ضرورة فهم المواطنة وعلاقاتها بالبناء الطبقى السائد والايديولوجية المهيمنة وهيكل الدولة وطبيعتها ونمط الانتاج وموازين القوى الاجتماعية. وانطلاقاً من هذا التعريف يتساءل سمير مرقص: "لماذا هناك إعاقة لحدوث التغيير بابعاده المركبة وتفعيل المواطنة فى الواقع مصرى رغم تعالى الأصوات من شرائح اجتماعية مختلفة تمثل الأغلبية من المصريين الذين باتوا يرون الواقع غير مطابق لأحلامهم وطموحاتهم فى تأسيس دولة مدنية حديثة؟" والاجابة التى يقدمها على هذا السؤال الجوهرى هى " أن هناك ما يمكن تسميته "بمركب إعاقة المواطنة – التغيير"، تتسم هذه المنظومة بالترابط الشديد بين عناصرها من حيث وحدة المنافع والمصالح فكونت فيما بينها عائقاً حقيقياً لإحداث التغيير – وتفعيل المواطنة، ولا سبيل لإحداث التغيير إلا بتفكيك هذه المنظومة، التى تتكون من العناصر الآتية: 1- الليبراليون الجدد؛ الذين يؤمنون باقتصاد السوق والتحرر الاقتصادى المنفلت بلا رقيب وانسحاب الدولة من أدوارها الأساسية. 2- البيروقراطية المتضخمة؛ الهرمية البناء والمركزية التحكم والمحكومة بالتخصص الضيق والرقابة العقابية والضبط والاحتواء والملاحقة وإحكام السيطرة والاحتفاظ بحق المنع والمنح فيما يتعلق بمصالح الاغلبية لكنها على النقيض تماماً تيسر مصالح أنصار اقتصاد السوق المنفلت. 3- التكنوقراط القدامى والجدد؛ بداية نقصد بالقدامى هؤلاء الذين خرجوا من عباءة الدولة المركزية فى الستينات وكانوا يقودون التحديث إلا أنهم عملوا على إعادة الطابع التقليدى وسعوا إلى التضييق من انفتاحية النظام فى مجالى التعليم والتعيين وهى الانفتاحية التى سمحت للكثير منهم للترقى الوظيفى والاقتصادى والاجتماعى الذى لم يكن ليتاح لهم عن أى طريق آخر. وفاقم الأمر انه عندما جاءت الحقبة النفطية فأننا نجدهم بالتحالف مع البيروقراطية قد قاموا بفك الارتباط بالتصنيع والانخراط فى الاقتصاد الريعى داخلياً وخارجيا. اما عن التكنوقراط الجدد فهم الذين خرجوا من عباءة القطاع الخاص والعمل مع هيئات المعونة الدولية مع تطبيق سياسات التحرر الاقتصادى فنجدهم منفصلين عن الواقع الاجتماعى بالرغم من تمييز تعليمهم وتمكنهم من إجادة اللغات الأجنبية إلا أنهم لم ينخرطوا فى البناء الرأسى للمجتمع فاهتموا بالتحديث الشكلى على حساب التغيير الجذرى. 4- الاقتصاد الريعى؛ حيث تحركت العناصر الثلاثة السابقة على قاعدة اقتصاد ريعى أمسك الليبراليون الجدد بمصادره واحتكروا عائده، وخصصوا بعض الفائض لمن يخدمهم من التكنوقراط والبيروقراطية وحرصوا على توفير الحد الأدنى من الاحتياجات للأغلبية لابقاء الأمر الواقع على ما هو عليه. 5- العودة إلى أشكال التنظيم الأولية؛ كان من نتائج انسحاب الدولة من مسئوليتها الأساسية أن عاد المواطن إلى دوائر الانتماء الأضيق: الدينية والقبلية والطائفية والعائلية والعشائرية .. بحثاً عن الاحتياجات الأساسية المادية والمعنوية من التعليم والعلاج والأمان، تم كل ذلك على حساب الجماعة الوطنية التى يتحرك فيها المواطن بصفته المواطنية وليست بسبب انتماءه الفرعى، حيث أن الجماعة الوطنية هى الوعاء الذى تصب فيه الانتماءات الفرعية. (يشار إلى أن هناك مراجعة جدية فى الولايات المتحدة الأمريكية حول أهمية الدولة والأدوار التى يجب أن تقوم بها وفى هذا يراجع فوكومايا أحد دعاة الليبرالية الجديدة فى كتابه بناء الدولة الصادر فى 2004، على عكس ما يروجه لنا ليبراليونا الجدد فى مصر). تلك هى عناصر المنظومة التى تعوق التغيير وتمنع المواطنين من الحركة، خاصة وأن الشعار الذى رفعته هذه المنظومة هو الاستقرار، والاستقرار هو الطريق إلى التقدم ولكن السنوات أثبتت أن الاستقرار قد أدى إلى تراجع اقتصادى وركود اجتماعى وسياسى واستشراء ثقافة الخرافة والمحافظة التى تعوق الابداع والتجدد. لذا فإن إحداث التغيير وتفعيل المواطنة لبلوغ الدولة المدنية الحديثة ، لن يتم إلا بتفكيك هذا المركب". وللحديث بقية [/b] | |
|